في 22 فبراير من كل عام، تحتفل المملكة العربية السعودية بـ”يوم التأسيس”، وهو اليوم الذي يجسد بداية الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م. هذا اليوم ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو تجسيد لمسيرة طويلة من التحديات والإنجازات، إذ يعكس الهوية الوطنية السعودية، ويمثل نقطة انطلاق نحو المستقبل المزدهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
تمثل رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تحولًا استراتيجيًا يهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة، والانفتاح على العالم. وقد انعكست هذه الرؤية في مشاريع كبرى غيرت وجه المملكة، مثل مشروع نيوم، المدينة الذكية المستقبلية التي تعتمد على الطاقة المتجددة، ومشروع ذا لاين، الذي يُعد نموذجًا للمدن المستدامة بدون انبعاثات كربونية. كما شملت الإصلاحات الاقتصادية والانفتاح السياحي والثقافي من خلال تعزيز السياحة عبر مواسم الرياض وجدة، وإطلاق مبادرات ثقافية وفنية ضخمة. هذه التغيرات جعلت السعودية مركزًا عالميًا للاستثمار والتطوير التكنولوجي والثقافي، مما يعكس طموح القيادة السعودية في أن تصبح المملكة قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة على المستوى الدولي.
لم تقتصر رؤية القيادة السعودية على التحولات الداخلية فحسب، بل امتدت إلى دعم استقرار المنطقة، وفي مقدمتها مصر. فقد كانت المملكة من أوائل الدول التي دعمت ثورة 30 يونيو عام 2013، التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين، وساهمت في استعادة الأمن والاستقرار لمصر. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) ومن بعده الملك سلمان بن عبدالعزيز دعم السعودية الكامل لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
تُعد العلاقات بين السعودية ومصر ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة العربية، حيث تربط البلدين علاقات تاريخية تقوم على التعاون السياسي، والاقتصادي، والأمني. ومن أبرز مظاهر هذه الشراكة:
التعاون الاقتصادي: تشير البيانات إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في مصر بلغ نحو 54 مليار دولار، موزعة على أكثر من 6,017 مشروعًا في قطاعات متعددة مثل الصناعة، والزراعة، والخدمات، والإنشاءات، والتمويل، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات. وفي المقابل، بلغت الاستثمارات المصرية في السعودية حوالي 5 مليارات دولار، موزعة على أكثر من 1,302 مشروعًا في مجالات الصناعة، والتجارة، والمقاولات، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.
التنسيق السياسي: موقف مشترك في القضايا الإقليمية مثل القضية الفلسطينية، والأزمات في سوريا وليبيا واليمن.
التكامل العسكري: تعزيز قدرات البلدين في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، والتنسيق المستمر لحماية الأمن القومي العربي.
بينما تحتفل السعودية بيوم التأسيس، فإنها لا تنظر فقط إلى ماضيها المجيد، بل تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل. إن رؤية 2030، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، تجسد حلم المملكة بأن تصبح نموذجًا عالميًا للتقدم والتطور. وفي الوقت نفسه، تواصل المملكة دورها الريادي في دعم استقرار الدول الشقيقة، وعلى رأسها مصر، مما يؤكد أن العلاقات بين القاهرة والرياض ليست مجرد علاقات سياسية، بل هي تحالف استراتيجي يعكس وحدة المصير والتحديات المشتركة.
إن يوم التأسيس ليس فقط احتفالًا بالهوية السعودية، بل هو تأكيد على أن المملكة، بجذورها العريقة ورؤيتها الطموحة، ماضية نحو مستقبل مشرق بقيادة حكيمة، وتحالفات قوية، واستراتيجية واضحة.