سيُسجى جثمان البابا فرنسيس، الذي توفي عن عمر يناهز 88 عاماً يوم الإثنين، اعتباراً من الأربعاء في كاتدرائية القديس بطرس. يتوافد المؤمنون لإلقاء آخر نظرة عليه قبل مراسم جنازته الحاشدة المقرر إقامتها يوم السبت، والتي سيحضرها عدد من قادة العالم.
اجتمع الكثيرون لتوديع البابا فرنسيس، الذي يشتهر بمواقفه الإصلاحية ودفاعه عن الفقراء والمهمشين. لقد كان البابا فرنسيس رمزاً لتغيرات ملموسة داخل الكنيسة الكاثوليكية، ومن المتوقع أن يكون حضور الجنازة، التي ستبدأ في الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي (07:00 بتوقيت غرينيتش)، بمشاركة دينية كبيرة، مع تواجد الكرادلة وترانيم لاتينية.
نقل جثمان البابا فرنسيس

سيتم نقل نعش البابا فرنسيس من كنيسة بيت القديسة مارتا، حيث كان يقيم منذ انتخابه حبراً أعظم في عام 2013، إلى الكاتدرائية المتوجة بقبة ميكيلانجيلو العظيمة. يرتقب أن يتابع الجمهور مراسم نقل الجثمان التي تتم في موكب كبير، مما يعكس الاحترام الكبير والتقدير الذي يحظى به البابا فرنسيس في قلوب المؤمنين.
بعد انتهاء القداس، سيسمح للجمهور بتوديع البابا فرنسيس الراحل حتى السابعة من مساء يوم الجمعة. في اليوم التالي، سيُقام القداس في الهواء الطلق في ساحة القديس بطرس، بقيادة عميد مجمع الكرادلة، جيوفاني باتيستا ري، الذي يبلغ من العمر 91 عاماً.
حضور القادة العالميين

من المتوقع أن تشهد الجنازة حضور عشرات الآلاف، وقد أكد قادة من دول عدة، منها إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، وأوكرانيا، بالإضافة إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي والأرجنتين – بلد البابا فرنسيس – على حضورهم. ولعل من أبرز الحضور الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وزوجته ميلانيا، على الرغم من وجود خلافات سابقة بين ترامب والبابا حول قضايا مثل الهجرة.
إضافة إلى ذلك، من المقرر أن يقود الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير وفداً كبيراً من بلاده في الجنازة، مع مشاركة المستشار الألماني المنتهية ولايته، أولاف شولتس. ويجري الحديث عن إمكانية حضور قادة الهيئات الدستورية الألمانية.
موقف روسيا والصين
مع الوجود المتوقع للعديد من القادة، أعلنت الحكومة الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين لن يحضر الجنازة، مما ألهم تكهنات حول من سيمثل روسيا في هذا الحدث المهم. وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن “الرئيس ليست لديه أي خطط من هذا القبيل”.
وفي السياق نفسه، قدمت وزارة الخارجية الصينية تعازيها في وفاة البابا فرنسيس، لكنها لم تكشف عن خططها بشأن من قد يمثلها في الجنازة.

وصية البابا فرنسيس الأخيرة
في خطوة غير تقليدية، طلب البابا فرنسيس في وصيته الأخيرة أن يُدفن في كنيسة القديسة مريم الكبرى بروما بدلاً من كاتدرائية القديس بطرس، حيث دُفن العديد من أسلافه. هذه الوصية تُظهر جانباً من شخصية البابا فرنسيس، الذي لطالما عُرف بتوجهاته غير التقليدية وتمسكه بقضايا الإنسان.
دفن البابا فرانسيس في كنيسته المفضلة
وهكذا يصل البابا فرانسيس في رحلته الأخيرة إلى كنيسته الرومانية المفضلة: “سانتا ماريا ماجوري” الواقعة على بعد نحو أربعة كيلومترات عن كنيسة القديس بطرس، وعلى الجانب الآخر من نهر التيبر – في موقع غير بعيد عن محطة القطار الرئيسية ومركز مدينة روما. وهذه الكنيسة التي بُنيت قبل نحو 1600 عام موجودة خارج حدود الفاتيكان. وتقريبًا جميع زوار روما يعرفون هذا المبنى المثير للإعجاب بزخارفه الفسيفسائية، التي تعود جميعها تقريبًا إلى القرن الخامس. وفي هذه الكنيسة، وجد قبل فرانسيس سبعةُ باباوات من القرن الثاني عشر وحتى القرن السادس عشر مثواهم الأخير.
وبالتالي فهو أول بابا لا يُدفن منذ نحو 150 عامًا في كنيسة القديس بطرس. وذلك بعد البابا بيوس التاسع (1846-1878)، الذي دُفن في البداية في كنيسة القديس بطرس، ولكن تلبيةً لرغبته نُقل جثمانه بعد ثلاث سنوات إلى كنيسة سان لورينزو الرومانية خارج الأسوار.
تحديات ما بعد الجنازة
من المعتاد أن يعقد مجمع الكرادلة لاختيار البابا الجديد بعد 15 إلى 20 يوماً من وفاة شاغل المنصب. أما الآن، فلا يوجد مرشح بارز لخلافة البابا فرنسيس، مما يسلط الضوء على التحديات التي قد تواجه الكنيسة الكاثوليكية في المرحلة المقبلة.
الجنازة ستكون لحظة تاريخية، تجتمع فيها قلوب المؤمنين من جميع أنحاء العالم لتوديع البابا فرنسيس، رمز الأمل والإصلاح. وقد ترقب الجميع هذه المراسم بحماس كبير، إذ تمثل فرصة للتأمل في إسهامات البابا فرنسيس والتأكيد على دوره القيادي في الكنيسة والعالم.
ستحدد هذه المناسبة مدى تأثير البابا فرنسيس، الذي عاش حياة مليئة بالتحديات والنجاحات، على مستقبل الكنيسة الكاثوليكية. من اللافت أن البابا فرنسيس ترك إرثاً لا يُنسى، ومن المؤكد أن ذكراه ستبقى حية في قلوب المؤمنين والأجيال القادمة.