تصدرت كلمات “قانون العمل الجديد” محركات البحث المختلفة خلال الأيام الماضية، وذلك بعد أن وقّع الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على إصدار هذا القانون الهام.
يُعد قانون العمل الجديد خطوة محورية نحو ترسيخ حقوق العمال وتعزيز بيئة عمل عادلة ومتوازنة في مختلف القطاعات، لا سيما في القطاع الخاص الذي يمثل جزءًا كبيرًا من سوق العمل.
يهدف قانون العمل الجديد إلى توفير مظلة حماية أوسع للعمال، مع التركيز بشكل خاص على حقوق المرأة العاملة والأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم استقرارهم المهني والاجتماعي لضمان حياة كريمة لهم ولأسرهم.
في سياق متصل، وجه الرئيس السيسي الحكومة بالانتهاء من إعداد مشروع قانون العمالة المنزلية، مؤكداً على ضرورة إجراء حوار مجتمعي شامل حوله.
يهدف هذا القانون إلى تنظيم هذا القطاع المهم الذي طالما كان بحاجة إلى تنظيم وتحديد واضح للحقوق والواجبات، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للعاملين به، وخاصة العمالة غير المنتظمة التي تواجه تحديات كبيرة في الحصول على حقوقها الأساسية.
مبادرات داعمة لسوق العمل بالتوازي مع قانون العمل الجديد
لم يقتصر توجيه الرئيس على قانون العمل الجديد وقانون العمالة المنزلية فحسب، بل أعلن أيضاً عن إطلاق مبادرة قومية طموحة لتنمية مهارات الشباب.
تهدف هذه المبادرة إلى توفير تدريبات مجانية ومكثفة تؤهل الشباب لسوق العمل المتغير وتلبي متطلباته المتجددة، مما يساهم في سد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
كما دعا الرئيس إلى تسريع الفصل في القضايا العمالية لضمان حصول العمال على مستحقاتهم في أسرع وقت ممكن، مما يعزز الثقة في المنظومة القضائية ويدعم حقوق العمال.
وفي خطوة تعكس الاهتمام بتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية، وجه الرئيس السيسي بتشكيل لجنة دائمة لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل فور إطلاقها.
يأتي ذلك في إطار جهود الدولة المتواصلة لتعزيز فرص العمل اللائقة وتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع. كل هذه التوجيهات والمبادرات تأتي متكاملة مع إصدار قانون العمل الجديد لتشكيل منظومة عمل متطورة وعادلة.

أبرز ملامح قانون العمل الجديد: حقوق ومكتسبات جديدة
يأتي قانون العمل الجديد حاملاً في طياته العديد من الملامح والإصلاحات الهامة التي تمس حياة ملايين العمال. من أبرز هذه الملامح:
تعزيز حقوق المرأة العاملة:
نصّت المادة (70) من قانون العمل الجديد على أحقية المرأة العاملة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، في الحصول على إجازة وضع مدتها ثلاثة أشهر بأجر كامل. هذه الإجازة تُمنح لها لثلاث مرات طوال مدة خدمتها، مما يوفر لها الدعم اللازم خلال فترة الأمومة. كما يُخفض القانون ساعات العمل اليومية للمرأة الحامل بساعة كاملة اعتبارًا من الشهر السادس للحمل، مع حظر تشغيلها لساعات إضافية خلال فترة الحمل وحتى ستة أشهر بعد الولادة، لضمان صحتها وسلامة حملها ورضيعها.
إجازة رعاية الطفل:
وفقًا للمادة (72) من قانون العمل الجديد، يحق للمرأة العاملة في المنشآت التي تضم 50 عاملًا فأكثر الحصول على إجازة بدون أجر لرعاية طفلها لمدة تصل إلى عامين. يمكن الاستفادة من هذه الإجازة لثلاث مرات خلال مدة خدمتها، مما يوفر لها المرونة اللازمة للتوفيق بين متطلبات العمل ومسؤوليات الأسرة. كما يجوز لها اختيار الحصول على تعويض بنسبة 25% من الراتب خلال هذه الإجازة، مما يوفر لها بعض الدعم المالي خلال هذه الفترة.
إلغاء استمارة:
من أبرز المكتسبات التي جاء بها قانون العمل الجديد هو إلغاء استخدام استمارة «6». هذه الاستمارة كانت تُستخدم في السابق كوسيلة لفصل العاملين بشكل تعسفي وبدون مبرر قانوني واضح. إلغاء هذه الاستمارة يعزز من الاستقرار الوظيفي للعمال ويمنع الفصل غير المبرر، مما يوفر لهم الشعور بالأمان في وظائفهم.

توثيق إجراءات التوظيف والفصل:
ألزم قانون العمل الجديد أصحاب الأعمال بتوثيق جميع إجراءات التوظيف أو إنهاء الخدمة في عقود العمل الرسمية والواضحة. يهدف هذا الإلزام إلى منع التحايل القانوني وتعزيز شفافية العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، مما يضمن حقوق الطرفين ويقلل من النزاعات المحتملة
شروط استحقاق المعاش:
حدد قانون العمل الجديد بالاشتراك مع القانون الجديد للتأمينات الاجتماعية شروط استحقاق المعاش بشكل واضح ودقيق، ومنها:
1. بلوغ سن التقاعد المحدد قانونًا، مع ضرورة توافر مدة اشتراك في التأمينات لا تقل عن 180 شهرًا (منها 120 شهرًا فعلية على الأقل).
2. في حال الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي المستديم، يُشترط عدم وجود فرصة عمل بديلة يقرها قرار لجنة طبية مختصة.
3. في حال وقوع الوفاة أو العجز أثناء العمل أو خلال سنة من إنهاء الخدمة، يُشترط عدم تجاوز سن التقاعد وعدم الحصول على تعويض دفعة واحدة.
4. بعد مرور سنة على انتهاء الخدمة، تُشترط مدة اشتراك لا تقل عن 180 شهرًا، مع نفس الشروط السابقة المتعلقة بعدم تجاوز سن التقاعد وعدم الحصول على تعويض دفعة واحدة.
يُعد قانون العمل الجديد خطوة مهمة نحو بناء سوق عمل أكثر عدلاً وشفافية، ويساهم في حماية حقوق العمال وتعزيز استقرارهم المهني والاجتماعي، مما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية والتنمية الاقتصادية الشاملة.