يُعد التعليم حقًا أساسيًا لكل فرد، بغض النظر عن قدراته أو إعاقته. لذا، من الضروري إتاحة الفرص التعليمية لجميع أفراد المجتمع، بما في ذلك ذوي الإعاقة، لتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم والمساهمة الفعالة داخل المجتمع.
ومن الجدير بالذكر أن تحقيق هذا الهدف لا يمكن أن يتم دون إتاحة الفرص التعليمية للجميع، دون تمييز، بالإضافة إلى الاهتمام بتهيئة المؤسسات التعليمية لتتلاءم مع احتياجات ذوي الإعاقة، من أجل توفير بيئة تعليمية فيزيقية جيدة، شاملة وميسرة للجميع. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال توفير الدعم اللازم وتأهيل المباني المدرسية والتعليمية بما يتناسب مع احتياجات ذوي الإعاقة، بما يضمن الاستفادة الكاملة من كافة الفرص التعليمية التي تقدمها الدولة للمواطنين، وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.
ومن جهة أخرى، فقد شهد المجتمع خلال العقود الأخيرة صحوة حقوقية أسهمت في صدور قرارات حكومية من الوزارات المعنية لدعم التعليم الدامج، ومنها على سبيل المثال قرار وزير التربية والتعليم رقم (252) لسنة 2017. وقد أدى ذلك إلى تزايد أعداد الطلاب ذوي الإعاقة بالمدارس الدامجة في التعليم العام. إلا أن عملية تأهيل البيئة التعليمية، سواء كانت بيئة فيزيقية أو اجتماعية، لم تكن على المستوى المطلوب لتحقيق الاستفادة المثلى من التعليم الدامج. فقد ظهرت أوجه قصور، من بينها غياب البيئة المرحِّبة، مما دفع بعض الطلاب إلى العزوف عن التعليم الدامج أو عدم الاستفادة منه بالشكل الكافي.
ويُعزى ذلك إلى نقص العناصر الضرورية لنجاح التعليم الدامج، مثل:
- المعلم المؤهل لذلك،
- مدرس الدعم،
- الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين المؤهلين،
- غرف المصادر المجهزة بكفاءة.
وانطلاقًا من هذا التحدي، جاءت بعض المؤسسات المتخصصة لتدعم تطبيق فكر التعليم الدامج في المدارس العامة. فعلى سبيل المثال، قامت مؤخرًا مؤسسة “ويانا” بتنفيذ بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم لدعم عدد (6) مدارس بمحافظة الجيزة، من خلال تقديم دعم متكامل لكافة أبعاد التعليم الدامج. وقد شمل ذلك:
- تأسيس غرف المصادر،
- تدريب المعلمين،
- تأهيل الأخصائيين والإدارة المدرسية،
- رفع وعي أولياء الأمور والطلاب ومجالس الأمناء،
- المتابعة والتقييم المستمرين لجهود الدمج داخل المدارس.
وقد أسفرت تلك الجهود عن تحقيق طفرة ملحوظة في نواتج التعلم لدى الطلاب ذوي الإعاقة بهذه المدارس، حيث تم التحقق من تحسن أدائهم في الجوانب المعرفية والوجدانية والاجتماعية والسلوكية، إلى جانب ارتفاع نسب التحاقهم بالمدارس نتيجة للجهود القوية التي بذلتها مؤسسات المجتمع المدني.
وبناءً عليه، فإن تحقيق تعليم دامج كفء، يليق بطموحات المجتمع، لن يتحقق إلا بتكاتف الجهود بين غرفتي التشريع (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) والحكومة، إلى جانب المجتمع المدني المؤهل، لتنفيذ الأجندات الوطنية في كافة المجالات، وعلى رأسها التعليم الدامج، باعتباره أحد أبرز مجالات اهتمام الدولة الحديثة.