“الصور الأولى الرئيسية”
مقطع الفيديو الذي انتشر في الفترة الأخيرة للكلب الذي كان مستقراً على قمة هرم خوفو الانتباه إلى الكلاب البلدية في مصر، إذ حظي بانتشار واسع، باعتباره مشهداً عفوياً طريفاً. الفيديو صوره عرضاً سائح أميركي كان يحلق بطائرة شراعية فوق أهرام الجيزة، ليتصادف وقتها وجود الكلب أعلى الهرم، ثم هبوطه بسرعة ورشاقة، وكأنه اعتاد الأمر.
“صورة الكلب بوكا”
فيديو الكلب، الذي أطلق عليه بوكا، جاب العالم محققاً دعاية سياحية لمصر ولمنطقة الأهرام، حتى إن واحدة من الشركات السياحية الأميركية أصبحت تروج لرحلاتها إلى مصر في الأيام الأخيرة بأنها ستتضمن رحلة للأهرام وجولة في المتحف المصري الكبير وغداء مع كلب الفرعون.
علاقة المصريين بالكلاب قديمة قدم التاريخ، إذ ظهرت على جدران المقابر المصرية القديمة، ومرت بمراحل متعددة حتى العصر الحالي، مع تنامي اتجاه حقوق الحيوان وانتشار الجمعيات والمبادرات المختلفة التي تعنى بهذا الأمر.
وتنوعت الكلاب في مصر بين التي تربى في المنازل وتحظى برعاية فائقة من أصحابها، والتي يقتنيها بعض الناس للحراسة، بخاصة في المناطق النائية. كما ظهرت الكلاب البوليسية في مصر بحلول الثلاثينيات من القرن الماضي في عهد الملك فؤاد، لتبدأ بأربعة كلاب جرى تدريبها، ولاحقاً أهدى الملك فاروق مدرسة البوليس 11 كلباً من سلالة الراعي الألماني، ولدت بالسراي الملكي لتكون نواة للكلاب البوليسية في مصر.
ولا يوجد إحصاء دقيق بعدد الكلاب في مصر، لكن هناك أرقاماً متضاربة تراوح ما بين 6 ملايين و20 مليوناً ناتجة من تقديرات لبيطريين وجهات متخصصة وتصريحات لنقيب البيطريين في مصر.
بين مصر القديمة والحديثة
عن تاريخ الكلاب في مصر يقول محمود الحصري، مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة بجامعة الوادي الجديد، “عرفت الكلاب في مصر القديمة باسم (إيو – إيو)، وعرف كلب الصيد باسم (ثسم)، ولم تقتصر الكلاب فقط على كونها حيوانات أليفة أو على استخدامها في الصيد والحراسة، إنما ارتبطت أيضاً بالآلهة، فكان أنوبيس هو حامي الموتى، ودليلهم للعالم الآخر، وكان مسؤولاً عن تحنيط الموتى وحراسة المقابر، وكان يصور برأس كلب وجسد إنسان، ووفق الديانة المصرية القديمة فلكل ابن من أبناء حورس الأربعة حيوان مقدس يمثله، وكان أحد هذه الحيوانات هو الكلب، إذ كان يعتقد أن هذه الحيوانات تحمي الأعضاء الداخلية للمتوفى، التي كان يجري وضعها في الأواني الكانوبية”.
ويضيف الحصري، “كان للكلاب مكانة خاصة في الحضارة المصرية القديمة، وعرفت كثيراً من السلالات، وكانت رفيقه للمصري في الصيد والحراسة، وقد وجدت بعض الكلاب محنطة ومدفونة مع أصحابها في بعض المقابر دليلاً على مكانتها وأهميتها، كما ظهرت في كثير من النقوش بصور مختلفة على الآثار المصرية القديمة”.
تغيرت العصور وتعاقبت الأجيال وبقيت سلالات الكلاب المصرية ذاتها، وإن اختلفت النظرة إليها، والتعامل معها، فاختفى أنوبيس وأصبح الكلب هو رفيق المصريين في الصيد والحراسة وأحياناً في البيوت مع محبيها.
وفي مصر، تحديداً في عصر المماليك ظهرت وظيفة الكلابزية، ولغوياً الكلابزي هو خادم الكلاب، وكان يطلق حينها على الشخص الذي يتولى تربية الكلاب وبيعها، وعلى الأشخاص المنوط بهم الاهتمام بكلاب الصيد عند السلاطين والأمراء.
حقوق الحيوان
في السنوات الأخيرة أصبح هناك تنامٍ في نشر الوعي بحقوق الحيوان، وانتشرت كثير من المبادرات والجمعيات التي تعنى بهذا الأمر في مصر، وظهر كثير من النشطاء الذين يعملون على نشر الوعي ودعم النشاطات المختلفة المتعلقة برعاية الحيوانات، ومن بينها الكلاب.
وعلى رغم أن هناك تنوعاً كبيراً في الكلاب الموجودة في مصر، سواء التي يقتنيها محبوها في المنازل أو التي تستخدم في الحراسة وغيرها فإن الكلب الأشهر في مصر هو الذي يراه الناس بصورة يومية في الشوارع ويطلق عليه الكلب البلدي.
ومن الظواهر اللافتة أنه في معظم الأحياء حالياً نجد بعض الأشخاص أصبحوا مهتمين بالكلاب الموجودة في الشوارع، إذ يوضع الطعام لها بصورة دورية أو رعايتها والاهتمام بتطعيمها باعتبارها جزءاً من المكان.