أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية عن إطلاق حملة شاملة لمكافحة مرض الرمد الحبيبي المعروف بـ “التراكوما”، وذلك في إطار الخطة الوطنية الهادفة إلى القضاء على هذا المرض بحلول عام 2027. تأتي هذه الحملة تنفيذًا لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، خلال شهر إبريل الجاري.
أهمية التراكوما وأهداف الحملة
يعتبر التراكوما أحد الأمراض المعدية التي تؤثر على صحة المواطنين وتسبب العمى. يتسبب هذا المرض في التراكم المستمر للالتهاب والتي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك فقدان البصر التام. وتنطلق الحملة من وعي الدولة بضرورة حماية صحة المواطنين وتحسين مستوى الرعاية الصحية، وما يعكس التزامها العميق بضمان حياة صحية وآمنة للجميع.
وشدد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، على أن هذه الحملة تعكس التزام الدولة بتحسين الصحة العامة وتعزيز النظام الصحي. فهي ليست مجرد إجراء صحي، بل هي جزء من استراتيجية وطنية شاملة تُنفذ بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، في ضوء الجهود العالمية المبذولة للقضاء على أحد أبرز مسببات العمى والجميع مدعوون للمشاركة في هذه الحملة الحيوية.
محافظات الحملة وأهدافها
في هذا الإطار، أشار الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، إلى أن المرحلة الأولى من التقييم السريع لمعدل انتشار مرض التراكوما قد بدأت في أربع محافظات هي الغربية، والمنوفية، وبني سويف، والوادي الجديد.
وتم اختيار هذه المحافظات بناءً على معايير علمية لضمان تمثيل شامل لمختلف أنماط المعيشة والظروف الصحية في مصر، من خلال تغطية 15 إدارة صحية متنوعة. كما تضمنت المرحلة الثانية من الحملة ثلاث محافظات إضافية، وهي الشرقية، المنيا، وقنا، على أن تنتهي الحملة بنهاية الشهر الجاري.
وفي هذه الحملة، يُستهدف فحص أكثر من 2550 طفلًا تتراوح أعمارهم ما بين عام و9 أعوام، وهي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، عبر فرق متخصصة تُكلّف بكشف حالات التراكوما النشطة.
تشمل الفحوصات أيضًا البالغين لرصد حالات انقلاب الجفن (داء الشعرة)، وهو مضاعف خطير للعدوى المزمنة التي قد تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب.

طرق انتقال المرض والوقاية
وفي سياق التوعية بالتراكوما، أشار الدكتور راضي حماد، رئيس قطاع الطب الوقائي، إلى أن طرق انتقال العدوى تشمل الذباب الذي يلعب دورًا رئيسيًا في نقل الإفرازات الملوثة من عين لأخرى، بالإضافة إلى استخدام الأدوات الشخصية الخاصة بالشخص المريض مثل المناشف وأدوات التجميل. وهذا يعزز من أهمية زيادة الوعي بالنظافة الشخصية والبيئية، مما يسهم في الحد من انتشار المرض بشكل فعّال.
وأبرز الدكتور راضي أهمية الالتزام بالنظافة الشخصية، داعيًا المواطنين إلى غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام وتجنب لمس الوجه، وكذلك التأكد من التخلص السليم من القمامة والعناية بالصحة العامة. يعتبر ذلك جزءًا أساسيًا من الإجراءات التي يمكن اتخاذها للوقاية من مرض التراكوما والأمراض المعدية الأخرى.
التقييم الميداني وأهميته
من جانبها، أكدت الدكتورة أماني الحبشي، رئيس الإدارة المركزية للأمراض المدارية وناقلات الأمراض، أن التقييم الميداني لمعدل انتشار التراكوما يعد جزءًا لا يتجزأ من خطة صحية شاملة ومتعددة الجوانب. تسعى هذه الخطة إلى تعزيز الوقاية الفعالة من التراكوما، مع التركيز على بناء وعي مجتمعي دائم ومستمر، خصوصًا في القرى والمناطق النائية التي قد تكون أكثر عرضة لانتشار المرض.
وقالت الدكتورة أماني إن المسح الطبي والتوعية يعدان عنصرين أساسيين لضمان تقديم الرعاية الصحية اللازمة وخفض معدلات الإصابة. كما شددت على ضرورة مشاركة المجتمع المحلي في جهود الوقاية والتعريف بمخاطر المرض وكيفية الفحص المبكر.
الاستجابة المجتمعية والدعم الصحي
ختامًا، تعكس هذه الحملة الصحية التزام الدولة المصرية بتعزيز الصحة العامة وحماية الأطفال من الأوبئة المعدية. ومن المتوقع أن تحقق الحملة نتائج إيجابية في مجالي الوعي والكشف المبكر عن المرض، مما يساهم في حماية المجتمع ككل.
إن التعاون بين الوزارة والمجتمع المحلي يعد أمرًا ضروريًا لإنجاح هذه الحملة، حيث يتطلب الأمر تضافر الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة في القضاء على التراكوما والحفاظ على صحة الأطفال ورفع الوعي الصحي بين المواطنين. لذلك فإن مشاركة الجميع والتفاعل مع الحملات الصحية سيكون لها تأثير إيجابي على صحة المجتمع ككل.