جدد نصر مطر، مسؤول الملف السياسي بالاتحاد العالمي للمواطن المصري في الخارج، في تصريح خاص لـ “نبأ اليوم” مطالبته بتأسيس هيئة وطنية مستقلة تُعنى بشؤون المصريين بالخارج، مؤكدًا أن الوقت قد حان للتعامل مع هذه الشريحة المهمة من أبناء الوطن باعتبارهم كنزًا بشريًا وماليًا يجب استثماره بما يخدم مصالح الدولة والمغتربين على حد سواء.
ضرورة وطنية وليست ترفًا إداريًا
أكد مطر أن إنشاء هيئة وطنية للمصريين بالخارج لم يعد خيارًا إضافيًا أو ترفًا إداريًا، بل بات ضرورة تفرضها المرحلة الراهنة بما تحمله من تحديات ومتغيرات.
وأضاف أن هذه الهيئة يجب أن تعتمد في تأسيسها على رؤية استراتيجية مبنية على دراسة علمية دقيقة لواقع واحتياجات المصريين حول العالم، وأن تعمل وفق أسس مؤسسية تُراعي طبيعة المرحلة وتطلعات المصريين المغتربين.
الكفاءات المصرية بالخارج: طاقات مهدرة
انتقد مطر الغياب الواضح لدور الكوادر المصرية بالخارج في عملية التنمية داخل مصر، رغم ما يمتلكونه من خبرات دولية واسعة في مجالات حيوية كالطب والهندسة والتكنولوجيا والطاقة والتعليم.
وأوضح أن الدول المتقدمة تبني استراتيجياتها على الاستفادة من طاقات وخبرات أبنائها المنتشرين حول العالم، بينما لا تزال مصر تُقصر في تفعيل هذا المورد الثمين، مضيفًا: “هؤلاء لم تُمنح لهم الفرصة الحقيقية للإسهام في نهضة الوطن”.
فتح قنوات التواصل: أساس النجاح
وشدد على أن الحل يبدأ بفتح قنوات تواصل حقيقية وفعالة مع المصريين في الخارج، والاعتماد على خبراتهم في إيجاد حلول غير تقليدية للتحديات التنموية التي تواجه البلاد، مؤكدًا أن التكامل بين الداخل والخارج ضرورة وطنية وليست مجرد شعارات.
النموذج الاقتصادي الجديد: من التحويلات إلى الشراكة
وفي الجانب الاقتصادي، دعا مطر إلى تغيير النظرة التقليدية لتحويلات المصريين بالخارج، مقترحًا تبني نموذج يقوم على الشراكة الحقيقية من خلال مشروعات استثمارية مدروسة وآمنة تحقق عوائد مجزية، وتخدم في الوقت ذاته الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن هذا النموذج يتطلب بيئة قانونية وتنظيمية مشجعة، وضمانات واضحة تعزز ثقة المستثمر المصري المغترب، مستشهدًا بنماذج دولية ناجحة يمكن الاستفادة منها لبناء تجربة مصرية رائدة.
تيسير إجراءات التحويلات المالية: عامل نفسي محفّز
فيما يخص التحويلات المالية، طالب مطر بتبسيط الإجراءات البنكية، وتخصيص نوافذ خاصة في البنوك لخدمة المصريين بالخارج أو معاملتهم معاملة كبار العملاء (VIP) بغض النظر عن حجم التحويل.
وأكد أن تسهيل هذه المعاملات له تأثير نفسي كبير يعزز انتماء المغترب لوطنه، ويشجعه على الاستمرار في دعمه ماديًا ومعنويًا.
إشراك المغتربين في إعداد المبادرات: ضمان للنجاح
شدد مطر على أن أي مشروع أو مبادرة موجهة للمصريين بالخارج لا يمكن أن تحقق نجاحًا حقيقيًا دون إشراكهم الفعلي في مراحل الإعداد والتنفيذ، موضحًا أن الاتحاد العالمي للمواطن المصري بالخارج قد دعا مرارًا للتشاور مع الجاليات، والاستماع لتجاربهم ومقترحاتهم، بهدف صياغة مبادرات واقعية ومتكاملة تستجيب لاحتياجاتهم.
التجاهل الإداري: واقعة تُجسّد الإشكالية
ولفت إلى حادثة شغلت الرأي العام خلال أحد برامج الإعلامي خيري رمضان، حيث فوجئ عدد من المصريين بالخارج – كانوا قد اشتروا وحدات سكنية في 2022 – بإعادة بيع نفس الوحدات من قبل وزارة الإسكان أو إحدى الجهات التابعة لها، مما تسبب في صدمة كبيرة لديهم، وكشف عن غياب التنسيق والشفافية في التعامل مع المغتربين.
كنز وطني لا يُقدّر بثمن
اختتم مطر حديثه بالتأكيد على أن المصريين بالخارج يمثلون كنزًا وطنيًا لا يُقدّر بثمن، ويجب أن يكون لهم دور فعال في معادلة بناء الدولة الحديثة. وأضاف: “نمتلك طاقات بشرية مؤهلة وولاء وطني صادق، وكل ما نحتاجه هو هيئة وطنية فعالة وقناة تواصل جادة تعيد لهذا الكنز مكانته المستحقة في قلب المشروع الوطني المصري”.