حين يُذكر اسم وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، يتبادر إلى الذهن فورًا اسم السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، الوزيرة السابقة التي تركت بصمة واضحة ومؤثرة في هذا الملف الحيوي. لم يكن وجودها في هذا الموقع مجرد منصب شرفي أو بروتوكولي، بل تحولت الوزارة — في عهدها — إلى كيان فعّال ينبض بروح الوطن والأهل، يتعامل مع المصريين بالخارج كأبناء مصر أينما كانوا، لا كمجرد ملفات أو أرقام.
حين أُسندت إليها حقيبة وزارة الهجرة في عام 2015، عقب إعادة إحياء الوزارة بعد توقف دام سنوات، أدركت نبيلة مكرم حجم المسؤولية وتعقيد الملف. فقد كان عليها أن تتواصل مع ملايين المصريين في بيئات وثقافات وقوانين مختلفة حول العالم. إلا أن الوزيرة قررت مبكرًا أن تنزل إلى الميدان، تستمع، تناقش، وتحتضن مشاكلهم بنفسها، بعيدًا عن المكاتب المغلقة.
لم تكتفِ السفيرة نبيلة مكرم باستقبال الشكاوى أو إصدار البيانات الرسمية، بل أطلقت العديد من المبادرات النوعية التي أسهمت في نقل علاقة الدولة بالمصريين بالخارج إلى مستوى أكثر قربًا وفاعلية.
من أبرز هذه المبادرات:
“إحنا معاك“: مبادرة لدعم المصريين بالخارج وقت الأزمات والكوارث الطبيعية، سواء الفردية أو الجماعية.
“مصر تستطيع“: سلسلة مؤتمرات جمعت علماء وخبراء مصر بالخارج للاستفادة من خبراتهم في مجالات متعددة، من الطب والهندسة إلى الاقتصاد والطاقة.
مبادرات ربط الجيل الثاني والثالث من أبناء المصريين بالخارج: بتنظيم معسكرات وبرامج تعليمية وتثقيفية داخل مصر، لتعميق ارتباطهم بالوطن الأم.
المشاركة الفعّالة في ملف العفو عن شباب مصريين بالخارج واجهوا أزمات قانونية، عبر تنسيق مستمر مع الجهات المعنية.
أظهرت الوزيرة نبيلة مكرم قدرة استثنائية في التعامل مع الأزمات، سواء في حوادث الاعتداء على المصريين بالخارج، أو في أثناء جائحة كورونا، حيث حرصت على متابعة دقيقة لعودة العالقين، بالتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات.
وتعد واحدة من إنجازاتها المهمة أنها وضعت بنية مؤسسية واضحة للوزارة بعد إعادة تأسيسها، وأعادت صياغة العلاقة بين المصري بالخارج والدولة بشكل عملي ومدروس، يتجاوز النواحي الشكلية إلى الاهتمام الفعلي بحاجاتهم ومشكلاتهم، لم تقتصر جهودها على الملفات الرسمية، بل كانت حريصة على التواجد في الجنازات والمآتم والاحتفالات وسط أبناء الجاليات بالخارج، كرسالة إنسانية تؤكد أن الدولة لا تنسى أبناءها في أفراحهم وأزماتهم، وعلى المستوى الشخصي، أؤكد أن الفضل في تواجدي اليوم وسط كوكبة من شباب المصريين بالخارج يعود إلى تشجيع السفيرة نبيلة مكرم. حين كنت بعيدًا عن العمل العام والاجتماعي، دفعتني — كما دفعت الكثير من أبناء جيلي — إلى التفاعل والمشاركة في خدمة وطننا من أي مكان.
قد تتغير الوجوه وتتبدل الأجيال، لكن تظل البصمات الصادقة لا تُمحى. واسم نبيلة مكرم سيبقى — بشهادة من عملوا معها وعايشوها — علامة مضيئة في سجل العلاقة بين مصر وأبنائها بالخارج، ونموذجًا يحتذى به في العمل الوطني الصادق.
